الاثنين، 28 أكتوبر 2013

السودان وخطر ضياع الهوية الإسلامية

الحمد لله  رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد :
***
فان السودان في وقته الراهن يمر بخطر كبير يهدد هويته الإسلامية إذا لم يتدارك أهل السنة والجماعة في السودان الموقف , ولاشك أن حكومة الإنقاذ تتحمل الوزر الأكبر لما وصل إليه السودان من تدهور سياسي واجتماعي واقتصادي , فقد ارتكبت حكومة الإنقاذ الكثير من الأخطاء الفادحة باسم الدين والإسلام مما أدى بدوره إلى تنفير الناس من الإسلام ووصول السودان إلى وضعه الراهن .
ولفهم طبيعة الصراع في السودان أيها الإخوة فلا بد من إلقاء نظرة على اللاعبين في الساحة السياسية في السودان في الوقت الراهن .
أولا الحركة الإسلامية والتي ينتمي إليها الحزب الوطني الحاكم في السودان وكذالك حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي .
والحركة الإسلامية في السودان من أقدم الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي وقد نشأت أيام الاستعمار البريطاني للسودان وانتخب الدكتور حسن الترابي أمينا عاما لها من ستينات القرن الماضي وهي كحركة إسلامية في منشئها ليس لها علاقة بحركة الإخوان المسلمين في مصر كما هو شائع عند الكثير من الناس بل نشأت كحركة إسلامية مستقلة في الأساس .
استمر مشروع الحركة الإسلامية ومر بمراحل متعددة وواجه صعوبات دولية ومحلية كثيرة إلى أن وصل للحكم عن طريق الانقلاب العسكري بقيادة عمر البشير على حكومة الصادق المهدي في بداية تسعينات القرن الماضي .
لم يكن لدى الحركة الإسلامية منهج واضح للحكم ولا أسس عقدية وفكرية سليمة لتطبيق نموذج دولة إسلامية ولذالك تخبطت الحركة الإسلامية في السودان وجاءت بالكثير من الأخطاء والطوام باسم الدين وقد اعترف الدكتور حسن الترابي بذالك بنفسه .
ولذالك تمكن العسكر بقيادة البشير والذي كان بعثيا في الأصل ولم يكن منتميا إلى الحركة الإسلامية قبل ذالك , وطائفة من محبي السلطة والمال في الحركة من الاستئثار بالسلطة والاستبداد وسرقة المال العام وتفصيل الإسلام على ما يناسب أذواقهم وأهوائهم القبلية والجهوية , وأدى ذالك بدوره إلى حصول الخلاف والانشقاق في الحركة الإسلامية في السودان على ما هو معلوم فانشقت الحركة الإسلامية إلى حزب المؤتمر الوطني بقيادة عمر البشير والى حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي .
فالمؤتمر الوطني الحاكم اليوم يقوم عليه طائفة من الدجالين والمجرمين واللصوص والرقاصين الذين يتكلمون باسم الإسلام ويزعمون تطبيق الشريعة والشريعة منهم براء في حقيقة الحال , حالهم في ذالك حال النظام السلولي الذي يزعم تطبيق شرع الله إلا أن النظام السلولي اشد كفرا ونفاقا .
فالنظام الحاكم في السودان هو احد أنظمة الطاغوت حاله حال أنظمة الطاغوت الأخرى في مختلف الدول الإسلامية , فالدستور السوداني هو دستور كفري خاصة بعد اتفاقية نيفاشا التي أدت بدورها إلى انفصال جنوب السودان بعد ذالك .
وكذالك تعاون النظام الحاكم في السودان مع الحملة الصليبية ضد الإرهاب ولاشك أن التعاون مع تلك الحملة كفر واضح لان تلك الحملة قامت ضد الإسلام كما هو معلوم .
وكذالك ارتكب النظام الحاكم في السودان جرائم الإبادة الجماعية في دارفور تحت حجة القضاء على المتمردين والجماعات المعارضة وأدى ذالك إلى اتساع الصراع في دارفور ونشوء الحركات المسلحة المعارضة للنظام الحاكم وقد استغل الغرب والصهاينة غباء النظام الحاكم وبلادته السياسية في تأجيج الصراع وتوسيعه في دارفور بدعم بعض تلك الحركات المسلحة بالمال والسلاح وكذالك دخول المنظمات التنصيرية إلى دارفور للتبشير وتبني الأطفال هناك لتعليمهم النصرانية وتنشئتهم عليها علما أن نسبة الإسلام في دارفور تصل إلى 100 % وكل ذالك تحت مرأى ومسمع النظام الحاكم في السودان .
إلى غير ذالك أيها الإخوة من الأخطاء السياسية والجرائم التي ارتكبها النظام الحاكم في السودان باسم الدين والشريعة والعياذ بالله .
أما الطرف الثاني من أطراف الصراع في السودان فهي الحركات السياسية المعارضة التي تنتهج السلم أسلوبا لها للوصول إلى الحكم ويمكن تقسيم هذه الحركات إلى قسمين :
القسم الأول حركات سياسية قامات على أساس إسلامي وترغب في تطبيق الإسلام منهاجا وشريعة كحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي وحزب الأمة بقيادة الصادق المهدي وغيرهما من الأحزاب التي قامت على أساس ديني في الاصل .
ولا يعني هذا أن هذه الأحزاب تقوم على أسس عقدية ومنطلقات إسلامية صحيحة بل هي تتبنى الإسلام بصورة عامة ولكن لديها أخطاء فكرية وعقدية فحزب الأمة قام على أساس صوفي في الأصل وجد الصادق المهدي هو احد أدعياء المهدية الذين ظهروا في العالم الإسلامي .
وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي لديه أيضا الكثير من الأخطاء المنهجية والعقدية وما زال متخبطا رغم المراجعات الفكرية والمنهجية التي قام بها الدكتور حسن الترابي  , ولكن ليس هذا الوقت المناسب لدراسة هذه الحركات وبيان أخطائها , مع أن التجربة الإسلامية في السودان ومراجعات الدكتور حسن الترابي تستحق الدراسة والمراجعة ولعل هذا يكون في وقت آخر إن شاء الله .
أما القسم الثاني فهي الحركات السياسية العلمانية والقومية والاشتراكية وغيرهم وهذه الحركات في غالبها يقوم عليها العلمانيون وبعض الزنادقة والمرتدين ويجب أن يكون هناك منهج واضح ينطلق من منطلقات عقائدية وشرعية صحيحة للتعامل معها من قبل الحركات الإسلامية .
وأما الطرف الثالث من أطراف الصراع فهي الحركات المسلحة التي تنتهج القوة وسيلة لها للتغيير كحركة العدل والمساواة والحركة الشعبية لتحرير السودان فرع الشمال وحركة تحرير السودان وغير ذالك من الحركات المسلحة التي تنتهج العمل المسلح للتغيير والحصول على الحقوق السياسية ولاشك أن غباء النظام الحاكم السياسي هو السبب الرئيس لنشوء هذه الحركات المسلحة .
وهذه الحركات المسلحة أيها الإخوة منطلقاتها الفكرية والعقدية في الغالب هي منطلقات قومية وعلمانية وعرقية ويقوم على هذه الحركات في الغالب طوائف من العلمانيين والقوميين والمرتدين يسوقون قطعانا من الهمج والعوام , وهم بطبيعة الحال لديهم الكثير من المطالب الصحيحة والحقوق المسلوبة من قبل النظام الحاكم .
وبالتالي أيها الإخوة بعد هذه النظرة السريعة على الأطراف اللاعبة في الساحة السياسية يتبين لنا حقيقة الخطر المتربص بالسودان والهوية الإسلامية للسودان في الوقت الراهن .
فهناك خطر غياب الهوية الإسلامية في حال عدم مقدرة التيارات الإسلامية في السودان على التعامل مع الحركات العلمانية واليسارية والقومية بالطرق الشرعية الصحيحة ومن منطلقات فكرية وعقائدية سلمية .
وكذالك هناك خطر قيام حرب أهلية إذا استمر الحزب الحاكم بنفس سياساته وطريقته التي يدير بها السودان باسم الإسلام والحكم الإسلامي للأسف .
ولمواجهة هذا الخطر فعلى أهل السنة في السودان تصحيح المسار والمنهج وتدارك الأخطاء التي ارتكبها النظام الحاكم باسم الدين ولابد من قيام حركة سياسية تقوم على منهج الشريعة القويم وعلى معتقد أهل السنة والجماعة وطريقة السلف الصالح التي كان عليها خيار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدين .
وكذالك لابد من العمل على إسقاط الدجالين والمجرمين القائمين على النظام الحاكم الحالي وفضحهم وتبرئة الإسلام منهم وبيان المنهج القويم الذي يدعو إليه الإسلام للناس .
وكذالك على من يريدون إقامة دولة إسلامية في السودان يحكم فيها شرع الله ويقام فيها دينه الحذر من الاختلاف والفرقة والتعاون فيما بينهم بغض النظر عن الانتماءات والجماعات فما دام أن الهدف واحد فالجميع في خندق واحد فالفرقة والاختلاف والحال هذه إنما تؤدي إلى قوة العدو وتمكينه .
وكذالك على أهل لسنة الذين يريدون إقامة دولة الإسلام الحذر كل الحذر من الميكافيلية والانتهازية فليس شرطا أن يكون عدو عدوك صديقك فلابد من منهج واضح يقوم على المفاصلة والوضوح مع الحركات السياسية المسلحة والسلمية التي تقوم على أساس علماني أو قومي وترفض الإسلام والشريعة أن يكون مصدر تشريع وحياة .
وكذالك على عامة الناس أن يدركوا أن الانتماء إلى هذه الحركات العلمانية الرافضة لحاكمية الشريعة هو كفر صريح يخرج صاحبه من ملة الإسلام والعياذ بالله .
وكذالك يجب على أهل السنة في السودان مواجهة الحركات المسلحة التي تريد فرض مشروعاتها العلمانية على أهل السودان بقوة السلاح فهذه الحركات خطر على الهوية الإسلامية للسودان فهي تعمل على تحويل السودان إلى دولة عرقية متعددة الثقافات وتسعى إلى طمس الهوية الإسلامية للسودان .
وكذالك على أصحاب مشروع الدولة الإسلامية الاستعداد للقتال والجهاد في سبيل الله فلا يمكن إقامة دولة الإسلام إلا بكتاب يهدي وسيف ينصر كما أسلفنا ذالك في موضوع الميزان والحديد .
وعلى كل حال أيها الإخوة فان قدم التجربة الإسلامية في السودان وغزارة الدروس والعبر المستفادة منها وكذالك مواجهتها للكثير من التحديات الدولية والمحلية ليبشر إن شاء الله بقرب تحقق قيام دولة إسلامية على المنهج الصحيح تقيم شرع الله وتكون منطلقا للجهاد في سبيل الله وفتح إفريقيا وإخضاعها للإسلام .
هذا والله اعلم وأسال الله التوفيق والسداد للجميع وان يبرم لهذه الأمة إبرام رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وترفع فيه راية الجهاد والقتال في سبيل الله عالية خفاقة .
كتبه أبو حفص



بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاكثر مشاهدة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة